top of page

حوار مع الأسير المحرر خالد محمد الشاعر

حاوره: د.نافذ الشاعر

بعد العصر بساعة توجهت أنا والصديق عبد الكريم الشاعر (ابو محمود) إلى منزل الأسير المحرر الأخ خالد محمد الشاعر، فوجدناه في انتظارنا، فقادنا إلى غرفة الضيوف الأنيقة، وكنا حذرين ونحن نمشي على السراميك النظيف ألا تترك أحذيتنا عليه بقعا سوداء من آثار الإطارات المطاطية المحروقة التي كانت تملأ شوارع مدينة خان يونس. وكان لا يزال أمام منزله أثر لإطار محترق.. وما أن دخلنا غرفة الضيوف حتى استقبلنا بالقهوة والحلويات ثم بالشاي، الذي تناولناه على عجل لضيق الوقت، ثم دار نقاش حول الأوضاع السياسة وأوضاع العائلة ولكن خوفا من انتهاء الوقت قبل إتمام الحوار بدأنا الحوار التالي:

-نود أن تعرفنا بنفسك وتاريخ ميلادك

أنا أخوكم في الله: خالد محمد سلامة الشاعر،مواليد  20/3/72

-إلى أي مرحلة دراسية وصلت؟

الثاني الثانوي

-في أي سن بدأت تظهر عندك الميول الوطنية؟

من سن التاسعة

-هل كانت لك قدوة في العمل الوطني والكفاح في بداية حياتك؟

صحيح!..

-من هم قدوتك؟

قدوتي كان كل من هو مقاوم للاحتلال، وطبعا كان رموزنا في العمل الوطني الذين نعرفهم ونسمع بهم: الأخ أبو عمار وأبو جهاد.. الذين كنا نعرفهم في فترة الثمانينات..

-متى التحقت بحركة فتح الفلسطينية؟

سنة 1987م

-متى تم اعتقالك وفي أي سنة تم الافراج عنك؟

 اعتقالي كان في 10/3/90 وتم الافراج في 10/6/94

-نود أن تحدثنا باختصار عن تجربتك مع الأحزاب الفلسطينية أثناء الأسر

وهنا امتلأ صوت خالد الشاعر بالحماسة والحرارة وأخذ يقول في اندفاع: ..في السابق كانت الأحزاب الفلسطينية أو العمل الوطني بصورة شاملة.. كان يوجد قضية اسمها قضية فلسطين بكل ما تحمله الكلمة.. يعني قضية فلسطين بمعاناتها.. بتاريخها.. باحتلالها من قبل إسرائيل. كان الترابط بين الأحزب وبين المناضلين ترابط وطني؛ لأن الاحتلال لم يفرق بين احد.. باستثناء بعض الشواذ، وهم قلة قليلة كانت تتعامل بمرض حزبي، وهم الذين كانوا يسببون خلل في التنظيمات، ولكن في النهاية كان يتغلب العمل الوطني الجماعي من جميع الاحزاب لأنه كان يوجد عدو واحد.. وكان أبناء البلد الواحدة في جميع التنظيمات أكثر تماسكا من الوقت الحالي.

-هل لو عاد بك الزمن هل كنت ستختار حركة فتح أم حركة أخرى؟

في القوت الحالي لو عاد الزمن سأختار حركة فتح؛ لأن العمل في حركة عمل وطني بحت، وليس عمل حزبي. والعمل الحزبي فيها يقتصر على فئة بسيطة جدا، لأنه في وجود أي عمل وطني، كان أبناء حركة فتح يهبون من غير أمر.. من غير دافع حزبي.. من غير أي دوافع أخرى.. يعني من أول نداء للجهاد تجدهم في أول الصفوف وبأقل الإمكانيات المتوفرة عندهم، من دون انتظار أمر مقاومة الاحتلال أو أمر قتال بني صهيون.

-هل تغيرت نظرتك عن حركة فتح بعد الأسر عن نظرتك قبل الأسر؟

احنا حكينا انه يوجد خلل في كل تنظيم يواجه كل من يعمل عمل وطني ونيته الجهاد في سبيل الله وفي سبيل تحرير الأرض.. لأنه يوجد ناس تختلف عندها طريقة المقاومة سواء بالكلمة.. بالقلم.. أو بغيره.. فالعمل الوطني، المقاوم الفدائي.. العمل الغريزي عندنا كفلسطينيين ضد الاحتلال لازم يتواجه في كل تنظيم بعمل مضاد- ليس فقط في حركة فتح- لأنه في ناس سيوجدون عوائق؛ لأنه يعطل ويخرب مصالحهم، وهم يقولون: أنا أمارس العمل الوطني عن طريق ألصحف أو الاعلام.. هذا صحيح وهو مكمل لبعضه.. لكن العمل الوطني سيبقى هو الموجود على الأرض، لأنه لا يوجد اليوم عدو وبكرة صديق، فالعدو هو عدو إلى يوم الدين..

-هل تعتقد أن حركة فتح لازالت قوية وصالحة لقيادة العمل الوطني؟

حركة فتح موجودة لكل مكان وزمان.. ولكن.. كما يقولون: يوجد كبوات، وهذه الكبوات تتمثل في شخصيات تحدثت عنها في السابق تختلف في طريقة المقاومة، وطريقة النضال، ولكن حركة فتح وابناء حركة فتح في كل زمان ومكان موجودين وجاهزين لقيادة المعركة ضد الاحتلال في أي عمل: سواء جماهيري.. عسكري.. سياسي.. يوجد لديها من يقوم بالعمل الخالص ضد الاحتلال.. ولكن –كما حكينا سباق- سيوجد ناس تختلف معها في طريقة المقاومة، سواء في حركة فتح او في الاحزاب الاخرى..

-هل استفدت من الأسر في توسعة نظرتك للأمور؟

صحيح.! انا دخلت السجن وكان عمري 17 سنة، وخرجت 22 سنة، فاختلفت الرؤية واختلفت العلاقة، واختلفت طريقة التعامل مع الناس، بسبب احتكاكي مع السجناء من جميع فئات الشعب، ومن جميع المدن الفلسطينية، ومن جميع الأحزاب والطبقات.. كان معنا العامل وكان معنا الدكتور، وكان معنا الاستاذ، من جميع الأراضي الفلسطينية من الداخل او من الخارج.. وكان معنا من الدول العربية من الفلسطينيين وغير الفلسطينيين.. كان معنا السودانيين واللبنانيين والسوريين ومن جميع المقاومين الذين شاركوا في ثورة ضد الاحتلال.. وهم جاهزين في كل وقت في الدول العربية.. ولكن للأسف مكبلين من قياداتهم.. عشان هيك الجنة محفوفة بالصعوبات والنار محفوفة بالشهوات، فمن يريد وصول الجنة ووصول التحرير مش سهل يوصل، فالذي يريد الدنيا والاخرة يجب ان يتعب، أما من يريد الدنيا فالدنيا موجودة.

-كم سنة قضيت في مصر بعد الانقسام الذي حدث في غزة؟

5 سنوات ونصف..

-ما هي اصعب المواقف التي مرت بك في حياتك؟

أصعب المواقف التي مرت بها حياتي هي: تحليل الدم الفلسطيني على الدم الفلسطيني!. فالذي حدث من قتل الفلسطيني للفلسطيني، وإباحة الدم وتحليل الدم الفلسطيني المقاوم، الذي كنا في يوم من الايام في خندق واحد، ويشهد علينا التاريخ ويشهد علينا قيادات التنظيمات من حماس في السجون من صلاح شحاتة الله يرحمه وغيره.. واليوم قيادات حماس التي كانت معنا في السجون موجودين في الصف الأول.. كان معانا السنوار، وكان معانا المقادمة، وكان معانا أبو شنب، وكان معنا روحي مشتهى، وهؤلاء من حماس.. وكان معانا من الجهاد الإسلامي خالد البطش والقيق، وغيرهم.. وعدد كبير من قيادات الجبهة الشعبية.. وهؤلاء يشهدوا للتاريخ أن استباحة الدم الفلسطيني، كان اكثر شيء صعب علينا.. ولكن للأسف استباحة الدم الفلسطيني لأهداف حزبية أو شخصية.. هذا الذي أوصلنا أن نزعل على اليوم الذي نصل فيه أن نذبح خيرة أبناء شعبنا ونقتلهم، في حين ان الاحتلال عاني الكثير الكثير، في الوصول إليهم.. ولم يصل لهم عن طريق العملاء او التصنت، ولكنهم قتلوا على يد الفلسطيني الفلسطيني في الانقلاب.. أو الذي تسمونه الانقسام.. أو الحسم.. كلها مسميات كذابة..!

-كيف ترى أوضاع عائلة الشاعر؟

أنا بدي احكي عن أوضاع عائلة الشاعر الحالية والسابقة.. أوضاع عائلة الشاعر لو بدنا نقيم عائلة الشاعر وأبناء عائلة الشاعر، وكطبقة متعلمة في عائلة الشاعر، وكطبقة مقاومة في عائلة الشاعر، سنقارنها بعائلات كثيرة سنجدها من أفضل العائلات، ولكن للأسف لا يوجد لها قائد، أو قيادة حكيمة تبعد عن المنظور الحزبي وتنظر من المنظور العائلي فقط لترتيب العائلة، والنظر لتحسين وضع ابناء العائلة من اموال العائلة ، التي تنفق خارج العائلة، وهي أموال غير بسيطة، فقط أموال الزكاة كفيلة بألا تجد فقير في أبناء العائلة ، ولا يوجد أعزب، سواء شاب أو بنت.. في العائلة موجود كادر مثقف ومتعلم، ولكن مطلوب نزع الحزبية، لأنها هي الخلل في العائلة، والحزبية هي المرض العفن.. وكذلك قصة المخترة التي أوجدها الاحتلال، وهي مرض يجب أن يزال لأنه مطلوب نخبة من متعلمين ووجهاء وكفاءات تقعد لترتيب العيلة لمستقبل أفضل، لأنه عندنا شباب من أفضل الشباب بالمقارنة مع أفضل العائلات.. ولكن المشكلة أنها رعية من غير راع!

وهنا حدث تدخل من بعض الحضور الذين استفزهم هذا الكلام، ثم هدأت الأمور وعاد الحوار إلى مجراه:

-ماذا تقترح للنهوض بعائلة الشاعر؟

اقترح للنهوض بعائلة الشاعر: أول حاجة تشكيل مجلس.. بالنظر إلى طهارته الدينية، يعني يكون عمار مع ربه وعمار مع أسرته، وعمار مع وطنه، هذه شروط انتماء مجلس العيلة، ومش نظرية العدد.. يكون 100 200 ويفكروا للنهوض بالعائلة لأنه للتاريخ وللمستقبل ولكل زمان ومكان يقرأ الإنسان باسمه وبعائلته، ويقرأ في شهادة ميلاده باسم عائلته ويكتب في شهادة وفاته باسم عيلته، وفي أعلى شهادة علمية يكتب باسم عيلته.. لا يكتب باسم حزبه ولا باسم وطنه ولذلك يجب أن نهتم بعائلتنا بما يرضي الله وما  يرضي الوطن وما يرضي العائلة  والشعب كله، وإذا فعلنا ذلك نجحنا، وإذا لم تتوفر هذه البنود سوف نصل إلى الأسوأ.

-ماذا تنصح الشباب والكبار في عائلة الشاعر؟

ننصح الكبار قبل الشباب، لأنه إذا صلح الكبار صلح الشباب، وننصح كبار السن، رجال عائلة الشاعر، الاهتمام بأبنائهم وتربيتهم حتى في المستقبل يشكروا آباءهم وأولياء أمورهم ولا يدعوا على أولياء أمورهم بأنهم تركوا لهم التفرق .. فيجب على الكبار الاهتمام بالشباب وليس الشباب أن تهتم بالكبار، لأنه الصغير مطلوب من الكبير دائما، فعندما يتوحد الكبار ويفكروا في مستقبل العائلة فالصغير مباشرة يكون تفكيره في بناء العيلة ومصلحة العيلة.. ولكن مطلوب ان الكبار يجمعوا بعضهم ويتفقوا على الصلح وبعد ذلك ستجد الصغار يجتمعوا بمفردهم وبدون أن يجمعهم أحد..

-ما هي نصيحتك التي تقدمها لأبناء غزة خاصة وأبناء فلسطين بشكل عام؟

نصيحتي لأبناء غزة..؟ ( هنا توقف عن الكلام وفكر قليلا) ثم قال:  نصيحتي لأبناء غزة قبل ما يطلبوا من الشعوب العربية والإسلامية الوقوف معنا، يجب الوقوف مع أنفسنا والتفكير 100 مرة، لأنه لا يطلب من إنسان عاق والديه أن الجيران يحترموه، فيجب أن يكون الوالدين راضيين عنا، ويكون شعبنا راضي عنا، ويكون أهلنا راضين عنا.. وأول شيء ديننا.. نكون إحنا راضيين عن تصرفاتنا في ديننا، أول شيء في وحدة صفنا وفي العمل النقي، لحماية شعبنا.. وبعد هيك نطلب من كل شعوب العالم أن تقف معنا.. لكن إذا نحن كنا نكره أنفسنا ونكره أبناء عائلتنا ، ونكره جيراننا ونكره أخواننا، فلا نطلب من أحد أن يقف معنا، سواء مسلم أو غير مسلم.. وأول كلمة بركز عليها قبل ما نطلب من مسلم أو أجنبي يقف معنا يجب أن نقف مع أنفسنا بوحدة صفنا ونزغ الكراهية من بيننا، ونزع العبودية الحزبية الموجودة عندنا.. ساعتها نطلب موقف عالمي يكون في صفنا.. فلا نطلب من العالم الوقوف معنا وإحنا مش واقفين مع أنفسنا..

-ما هي هوايتك المفضلة؟

هوايتي المفضلة؟

​نعم..!

هوايتي المفضلة: تربية الدواجن والحيوانات! لأنها مهنة الأنبياء..في أحد الأيام أتى شخص من أحد التنظيمات ورآني وأنا أرعى الغنم، فقال: ايش بتسوي؟! فقلت له: أرعى غنم.. وهنا قعد يضحك ويقول ساخرا: آآه.. آآه ارعى غنم.. لأنك مش ملاقي شغلة غير رعي الغنم!

قلت له: والله أنا أرعي الغنم زي الأنبياء والرسل الذين كان اغلبهم يرعي غنم.. وإحنا أبسط شيء نرعى الغنم زيهم، عشان نتعلم الصبر، ونتعلم الحنان من حنان الدابة على ابنها، ونتعلم شغلات كتيرة منها.. وياريت شغلات كتيرة يتعلمها الإنسان من الحيوان قبل ما يتعلمها من الإنسان حتى يصل إلى الرقي والحب..

-هل هواية رعي الغنم لديك منذ الصغر أم بعد خروجك من السجن؟

والله هذه هوايتي قبل السجن، وراثة من الآباء والأجداد، كان جدي يربي البقر وكان أبي يربي الأغنام والبقر وأنا ورثتها من وراءهم..

-هل تحب ان تضيف شيئا؟

الإضافة؟ نطلب من ربنا يوفقكم وتعملوا اكبر عدد من اللقاءات مع أبناء العائلة ولا تستثنوا أحد.. سواء عالم.. أو متعلم.. أو مزارع.. أو عامل.. أو تابع لأي تنظيم.. لأن كل إنسان له دور في العائلة، ويمكن تأتي من أبسط الناس فكرة تكون السبب في نهوض العائلة.. ونحن نقول أن المستقبل للصغار إذا نجحوا الكبار في ترتيب صفهم، أما إذا فشل الكبار في توحيد صفهم فلا نطلب من الصغار شيء! يعني ما نطلبش الصلاح من الصغار ونحن عوج.. لازم نصلح أنفسنا أولا..

-نشكرك على هذا اللقاء

حياكم الله وربنا يقويكم ويعينكم..

الاحد 2017/12/10

bottom of page